فصل: (سورة الجاثية: آية 18).

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وَبِسَنَد الثَّعْلَبِيّ رَوَاهُ الواحدي فِي الْوَسِيط. اهـ.

.فصل في ذكر آيات الأحكام في السورة الكريمة:

قال إلكيا هراسي:
سورة الجاثية:
قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ آمنوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ} الآية: 14.
قال: نسخها قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}.
ومن سورة الأحقاف:
قوله تعالى: {ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوأَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ}:
فيه بيان مسالك الأدلة بأسرها:
فأولها: المعقول. وهو قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ}.
وهواحتجاج بدليل العقل أن الجماد لا يجوز أن يدعى من دون اللّه. وأنه لا يضر ولا ينفع. ثم قال: {ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا}.
فيه بيان أدلة السمع.
أوأثارة من علم. اهـ.

.من مجازات القرآن في السورة الكريمة:

.قال ابن المثنى:

سورة الجاثية:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
{مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ} (9) أي من بين أيديهم.
{لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ} (14) لا يخافون.
{عَلى شَرِيعَةٍ} (18) على طريقة وسنة.
{هذا بَصائِرُ لِلنَّاسِ} (19) مجازها: هذا القرآن بصائر للناس.
{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ}.
(21) اكتسبوا {أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمنوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ}.
(21) تم الكلام ثم استأنف فقال: {سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ}.
(21) أي سواء حياة الكافر ومماته هو كافر حياته ومماته والمؤمن مؤمن حياته ومماته.
{يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ} (25) عاد إلى اليوم أي لا شك فيه في اليوم.
{وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً} (28) على الركب. قال الكميت:
هم تركوا سراتكم جثيّا ** ومن بعد السراة مغربلينا

{إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (29) أي نثبت.
{وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ} (31) أي نترككم نخرجكم من رحمتنا {كَما نَسِيتُمْ} (31) كما تركتم. اهـ.

.قال الشريف الرضي:

ومن حم ومن السورة التي يذكر فيها الجاثية:

.[سورة الجاثية: آية 18].

{ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها ولا تَتَّبِعْ أَهواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (18)}.
قوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها} [18] وهذه استعارة.
لأن الشريعة في أصل اللغة اسم للطريق المفضية إلى الماء المورود. وإنما سمّيت الأديان شرائع لأنها الطرق الموصّلة إلى موارد الثواب. ومنافع العباد. تشبيها بشرائع المناهل التي هي مدرجة إلى الماء. ووصلة إلى الرّواء.

.[سورة الجاثية: آية 29].

{هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29)}.
وقوله سبحانه: هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ [29] وهذه استعارة. وقد مضت الإشارة إلى نظيرها فيما تقدم. والمعنى أن الكتاب ناطق من جهة البيان. كما يكون الناطق من جهة اللّسان. وشهادة الكتاب ببيانه. أقوى من شهادة الإنسان بلسانه. اهـ.

.فصل في التفسير الموضوعي للسورة كاملة:

قال محمد الغزالي:
سورة الجاثية:
في الحث على دراسة الكون واكتشاف آياته جاء صدر سورة {الجاثية} لافتا الأنظار إلى ملكوت السموات والأرض وما حوى من عجائب تقود إلى الله سبحانه.
{حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم إن في السماوات والأرض لآيات للمؤمنين وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون واختلاف الليل والنهار}. إلخ.
وقد مضت نظائر لهذه الآيات في سورة البقرة وال عمران وغيرهما. والمراد دعم البناء العقلى للإيمان. وإقامته على الفكر السوى والبصر الذكى! فهل تكفى هذه الدراسة النظرية لإسعاد الإنسان؟ لا. إنها جانب واحد. والجانب الآخر استغلال الكون نفسه لمصلحة الإنسان. فلهذا خلق.
{الله الذي سخر لكم البحر لتجري الفلك فيه بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون}.
والهيمنة على قوانين الكون كما تنفع الإنسان في الحياة الدنيا ماديا. فهى تقدره على إعزاز عقائده والدفاع عنها. وما تأخر المسلمون وذلوا أمام أعدائهم إلا لتخلفهم في هذا الميدان! {تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون}. القرآن يقود النفوس بهداياته. والكون يدل على الله بآياته. فلماذا يزيغ امرؤ بعد ذلك أوتضل شعوب؟ {ويل لكل أفاك أثيم}. ومع هذا التوجيه المزدوج. فإن الله رحمة منه بعباده أبى تعجيل العقوبة للتائهين! ووسع لهم الفرصة كى يهتدوا فنصح المسلمين أن يتريثوا في عرض الدعوة وأن تخص وطأتهم على الكافرين: {قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ليجزي قوما بما كانوا يكسبون من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون}.
وإلى جانب العلوم العقلية والكونية توجد علوم نقلية شرعية. والمهم في هذين الصنفين من العلوم أن تقود البشر إلى سبيل الرشاد. ولكن الذي حدث أن جماهير من دارسى العلوم الكونية لم يحسنوا الإفادة منها. فغزوا الفضاء وبقوا كافرين بالله! ورأوا الأجنة تتخلق في البطون. وبدل أن يعترفوا بالخالق قالوا إن الفاعل مجهو ل! وهذا الإلحاد صبغة عامة في الحضارة الحديثة. تشمل غرب أو روبا وشرقها. ويمتد دخانها إلى بقية القارات. ولهذا العوج العلمى نظير بين حملة العلوم الدينية. فقد تحو لت موروثاتهم إلى دراسات شكلية لا تهذب نفسا ولا تصقل فكرا. إنهم معها كالدواب التي تحمل صناديق الكتب ولا صلة لها بما حوت! ونصف فساد العالم يرجع إلى قصور رجال الدين وتبلدهم النفسى! ولعل علماء بنى إسرائيل أول من أبطل نظرية سقرأط (أن الفضيلة هي المعرفة). فإنهم لبسوا أردية العلم على أجسام لوثها الهوى {ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين وآتيناهم بينات من الأمر فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم}.
إن العلم الدينى إذا لم يورث الصدق والأنصاف فلا خير فيه ولا قيمة له. ويوجد الأن علماء دينيون وعلماء كونيون ماتت ضمائرهم. وكان في مقدورهم أن يسدوا للأنسانية الخير الجزيل..! {أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله}!. والذكاء في فهم الدنيا مع الغباء في فهم الآخرة يحول الإنسان إلى عبد لشهواته. ويربطه بهذه الحياة وحدها. ويصرفه عن الاستعداد لما بعدها. بل يجعله من المنكرين الجاحدين {وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون}. ولذلك جاء ختام هذه السورة تهديدا بالبعث والحساب ووصفا لمواقف الناس أمام ربهم وهو يسائلهم عما قدموا.
{ولله ملك السماوات والأرض ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون}.
والمتأمل في حضارة هذا الزمان يرى التقدم العلمي رفه حياة البشر. ويسر لهم الملذات وعلقهم بالفترة القليلة التي يقضونها هنا. وأذهلهم عن الخلود الطويل الذي ينتظرهم هناك. ثم إن أهل الكتاب عجزوا عن العودة بالناس إلى الله. وانضموا إلى أعدائه في ضرب الإسلام ومنع تقدمه. فكانت النتيجة إطباق الفوضى على افاق الأرض كلها. وزوال شرائع الله في سياسة عباده. فلا عجب إذا وجهوا يوم القيامة بهذا الخطاب {وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين}. إن العابدين للدنيا قد يربحون قليلا في العاجلة. فهل ضروا الله شيئا؟ إنهم الخاسرون أولا واخرا.
{فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض رب العالمين وله الكبرياء في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم}.
إن آخر السورة طابق أولها في تمجيد الله وتوكيد اسمين من أسمائه الحسنى وهما العزيز والحكيم. اهـ.

.في رياض آيات السورة الكريمة:

.تفسير الآيات (1- 6):

قوله تعالى: {حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لآيات لِلْمُؤْمِنِينَ (3) وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيات لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (4) وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيات لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (5) تِلْكَ آيات اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وآياته يُؤْمِنُونَ (6)}.

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
(بسم الله) الذي تفرد بتمام العز والكبرياء (الرحمن) الذي أحكم رحمته البيان العام للسعداء والأشقياء (الرحيم) الذي خص بملابس طاعته الأولياء.
{حم} أي حكمة محمد إليها المنتهى كما تقدم في الدخان ما أفهم إنزاله من أم الكتاب جملة إلى بيت العزة. ودل على بركته مما دل على حكمة منزله وعزته بالبشارة والنذارة والإيقاع بالمجرمين بعد طو ل الحلم والأناة والنجاة للمتقين وغير ذلك من أمور هي في غاية الدلالة على ذلك لأنها راجعة إلى الحسن لمن ألقى السمع. وهو شهيد. وأشار إلى سهو لتها على من تأمل هذا الذكر المترجم بلسان أعلى الخلق وأكملهم وأشرفهم خلائق وأفضلهم. ابتدأ هذه بالإعلام بأنه زاد ذلك يسرًا وسهو لة بإنزاله منجمًا بحسب الوقائع مطابقًا لها أتم مطابقة بعد إنزاله جملة من أم الكتاب ثم مرتبًا لما أنزل منه ترتيبًا يفهم علومًا ويوضح أسرارًا غامضة مهمة فقال: {تنزيل الكتاب} أي إنزال الجامع لكل خير مفرقًا لزيادة التسهيل في التفهيم والإبلاغ في اليسر في التعليم وغير ذلك من الفضل العميم وزاده عظمًا بقوله: {من الله} أي كائن من المحيط بصفات الكمال.
ولما كان- كما مضى- للعزة والحكمة أعظم بركة هنا قال: {العزيز الحكيم} فكان كتابه عزيزًا حكيمًا لا كما تقول الكفرة من أنه شعر أوكذب أوكهانة لأنه لا حكمة لذلك ولا عزة بحيث يلتبس أمره بأمره هذا الكتاب المحيط بدائرة الحكمة والصواب. ودل بشواهد القدرة واثار الصنعة من نسخة هذا الكتاب على الصفتين وعلى وحدانيته فيهما اللازم منه تفرده المطلق فقال مؤكدًا لأجل من ينكر ذلك ولوبالعمل. وترغيبًا في تدقيق النظر بتأمل آيات الوجود التي هذا الكتاب شرح لمغلقها وتفصيل لمجملها.
وإيماء إلى أنها أهل لصرف الأفكار إلى تأملها {إن في} ولما كانت الحواميم- كما روى أبو عبيدة في كتاب الفضائل عن ابن عباس رضي الله عنهما لباب القرآن. حذف ما ذكر في البقرة من قوله: {خلق} ليكون ما هنا أشمل فقال: {السماوات} أي ذواتها بما لها من الدلالة على صانعها وخلقها على ما فيها من العبر بما فيها من المنافع وعظيم الصنعة ما لها من الشفوف الدال على تعددها بما فيها من الكواكب {والأرض} كذلك وبما حوت من المعادن والمعايش والمنابع والمعاون {لآيات} أي دلائل على وحدانيته وجميع كماله. فإن من المعلوم أنه لابد لكل من ذلك من صانع متصف بذلك {للمؤمنين} أي لأنهم برسوخهم في هذا الوصف الشريف أهل للنظر لأن ربهم يهديهم بإيمانهم فشواهد الربوبية لهم منهما لائحة. وأدلة الإلهية فيهما واضحة. ولعله أشار بالتعبير بالوصف إلى أنه لابد في رد شبه أهل الطبائع من تقدم الإيمان. وأن من لم يكن راسخ الإيمان لم يخلص من شكوكهم.
قال الإمام أبو جعفر بن الزبير: لما تضمنت السورة المتقدمة إيضاح أمر الكتاب وعظيم بيانه وأنه شاف كاف وهدى ونور. كان أمر من كفر من العرب أعظم شيء لأنقطاعهم عجزهم وقيام الحجة به عليهم حتى رضوا بالقتل والخزي العاجل وما قاموا بادعاء معارضته ولا تشوفوا إلى الإسناد إلى عظيم تلك المعارضة. أتبع ذلك تعالى تنبيهًا لنبيه والمؤمنين إلى ما قد نصبه من الدلائل سواه مما صد المعرض عن الاعتبار بها أوببعضها مجرد هواه. ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله. فقال تعالى بعد القسم بالكتاب المبين {إن في السماوات والأرض لآيات للمؤمنين} أي لولم تجئهم يا محمد بعظيم آية الكتاب فقد كان لهم فيما نصبنا من الأدلة أعظم برهان وأعظم تبيان {أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى} [الروم: 8] فلما نبه بخلق السماوات والأرض. أتبع بذكر ما بث في الأرض فقال: {وفي خلقكم وما بث فيهما من دابة آيات لقوم يوقنون واختلاف الّيل والنهار} أي في دخو ل أحدهما على الآخر بألطف اتصال وأربط انفصال {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار} ثم نبه على الاعتبار بإنزال الماء من السماء وسماه رزقًا بحط القياس فقال: {وما أنزل الله من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها} ثم قال: {وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون} الاستدلال بهذه الاي يستدعي بسطًا يطو ل. ثم قال: {تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق} أي علاماته ودلائله {وإن من شيء إلا يسبح بحمده} ثم قال: {فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون} أبعد ما شاهدوه من شاهد الكتاب وما تضمنه خلق السماوات والأرض وما فيهما وما بينهن من عجائب الدلائل الواضحة لأولي الألباب. فإذا لم يعتبروا بشيء من ذلك فبماذا يعتبر. ثم أردف تعالى بقريعهم وتوبيخهم في تصميمهم مع وضوح الأمر فقال: {ويل لكل أفاك أثيم} الآيات الثلاث. ثم قال: {هذا هدى} وأشار إلى الكتاب وجعله نفس الهدى لتحمله كل أسباب الهدى وجميع جهاته. ثم توعد من كفر به ثم أردف ذلك بذكر نعمه وآلائه ليكون ذلك زائدًا في توبيخهم. والتحمت الاي عاضدة هذا الغرض تقريعًا وتوبيخًا ووعيدًا وتهديدًا إلى آخر السورة- انتهى.
ولما ذكر سبحانه بالنظر في آيات الافاق. أتبعها آيات الأنفس فقال: {وفي خلقكم} أي المخالف لخلق الأرض التي أنتم منها بالاختيار والعقل والأنتشار والقدرة على السار والضار {وما يبث} أي ينشر ويفرق بالحركة الاختيارية بثًا على سبيل التجدد والاستمرار {من دابة} مما تعلمون ومما لا تعلمون بما في ذلك من مشاركتكم في الحركة بالاختيار والهداية للمنافع بإدراك الجزئيات ومخالفتكم في الصورة والعقل وإدراك الكليات وغير ذلك من مخالفة الأشكال والمنافع والطبائع ونحوها {آيات} أي على صفات الكمال ولاسيما العزة والحكمة. وهي على قراءة حمزة والكسائي ويعقوب بالنصب هنا. وفي الذي بعده عطف الآيتين على حيز إن في الآية الأولى من الاسم والخبر. فلهذه الآية نظر إلى التأكيد. وهو على قراءة الجماعة مبتدأ بالعطف على (إن) وما في حيزها. وهي أبلغ لأنها تشير إلى أن ما في تصوير الحيوان وجميع شأنه من عجيب الصنع ظاهر الدلالة على الله فهو بحيث لا ينكره أحد. فهو غني عن التأكيد. ويجوز أن تكون الآية على قراءة النصب من الاحتباك: حذف أولا الخلق بما دل عليه ثانيًا. وثانيًا ذوات الأنفس بما دل عليه من ذوات السماوات أولا.